
وقفت نوال أمام المرآة مشدوهة وهي تنظر إلي التجاعيد التي غزت وجهها الرقيق دون سابق إنذار أو لعلها لم تفطن لهجوم الزمن عليها لانهماكها في العمل ... وودعت إحدي زبائنها بإبتسامتها البشوشة الوادعة كعادتها هذا اليوم بعد أن أنهت لها كافة فساتينها ... ولم تنسى العروس أن تدعو نوال لحضور حفل زفافها.
كم حفل حضرت وكم عروس جهزت ... أصبحت لاتذكر من كثرة السنوات... دخلت لغرفتها المتواضعة ونظرت حولها في وفي حلقها غصة وتجولت بعينيها بين أشيائها التي ترك الزمان بصماته عليها ... تذكرت وهي تنظر لكل قطعة في جهازها كيف اشترتها وكم كانت سعيدة وقتها وهي تحلم ببيت دافئ وزوج عطوف يظلل حياتها بحنانه ... أخرجت من الدولاب لفافة بيضاء كبيرة وهالها أن تجد أن فستانها الابيض الناصع قد مال لونه إلي الاصفرار !!!! وكيف لا وقد مرت سنون اصبحت لاتذكر عددها منذ أن قامت بحياكته وتطريزه على أمل أن ترتديه يوماً ما ... ولكن الزمن الذي ضن عليها بالفرح قد أحال لون الفستان الابيض الفرِح إلي صفرة حزينة . مدت أناملها الرقيقة التي أرهقها العمل وتحسست الفستان عاتبة على الزمان الذي لم يعطها الفرحة التي كانت تنتظرها ... ومرت السنون وعروس وراء عروس ونوال تنتظر دون جدوي ... وكل ماكانت تفعله كل عام هو ان تخرج الفستان وتنظر إليه ثم تعيده إلي أكفانه ثانية.